الموقع الرسمي لأعضاء لجنة الحريات و الحقوق برابطة شباب الاطباء النفسيين

Monday, April 18, 2011

مناقشة كتاب الانهيار الاقتصادي في عصر مبارك Financial Collapse in Mubarak Era



 


من الكتب القليلة التي تتمنى وأنت تعلق عليها لو أعدت نشر أغلب أجزائها كما هي من جديد ! 
علاوة على ذلك فإن الكتاب مكتوب بلغة سهلة ، ولأوسع دائرة من القراء . 
والنجار أحد أبرز الاقتصاديين المصريين الذين لا يعترفون بالمعلومات والأرقام التي تعرض في صفوف متوازية فتبدو" محايدة وموضوعية بل وعلمية " وهي تواري بكل ذلك الرداء الأوضاع الفعلية . 

والهم الأول للنجار هو البحث عن الحقيقة وراء مظهر الأرقام المحايد الذي يستخدم لتأكيد أو نفي مختلف التصورات 

وقد يكتب باحث أن موظفا كان يتقاضى عام 1977 راتبا قدره ثمانية وعشرين جنيها، وأصبح يتقاضى هذا العام أكثر من أربعمائة جنيه ، وقد يستنتج الباحث بل والقارئ من ذلك أن الرواتب في زيادة مستمرة . 
لكن أحمد النجار يحدد لك القدرة الشرائية للراتب الأول ( 28 كيلو من اللحم ) 
ثم الراتب الثاني ( 18 كيلو فقط ) لتكتشف أن الرواتب رغم زيادتها الظاهرية في نقصان فعلي . 
هذا ما أقصده بأن الأرقام قد تعطيك شتى الاستنتاجات
والأمر رهن بالزاوية التي ينظر بها الباحث للقضية ، وبضميره .

يعالج الدكتور النجار في استة فصول السياسات الاقتصادية العامة للدولة ، وانهيار الأوضاع الاقتصادية وقدرة الجنية الشرائية والديون ، ثم مشكلة البطالة التي ارتفعت نسبتها إلي ثلاثين بالمئة من قوة العمل ، ثم اتفاقية الكويز وتصدير الغاز لإسرائيل ، وأخيرا الفساد ، وذروته برنامج الخصخصة . 

وفي كل ذلك يشعر القارئ – مثقفا أو أديبا أو قارئا عاما - أنه كان في أمس الحاجة لقراءة ذلك الكتاب
لكي لا يظل تائها لا يدري لمصر رأسا من قدمين . وسأتوقف فقط عند أحد أهم فصول الكتاب 
وهو مسألة الخصخصة منذ التحول الحاسم للاقتصاد الحر عام 1991
وارتباط الخصخصة العضوي بقضايا الفساد . 

ويشير النجار إلي أن هناك آليات تجعل النظام الاقتصادي نظام فساد بالضرورة ، منها نظام الرواتب الذي يدفع للفساد بكل صوره ، وسلطات المديرين المطلقة ، والاستغلال البشع للنفوذ السياسي في تحقيق أرباح اقتصادية هائلة ، وسحق القوانين . 

ويتوقف عند أهم قضايا الفساد التي تمحورت في قطاع المصارف ، ويستشهد ببيانات البنك المركزي المصري التي تفيد أن قيمة الديون المشكوك في تحصيل المصارف لها بلغت تسع وأربعين مليار جنيه ! 
أما الفوائد غير المحصلة فإنها تزيد عن هذا الرقم ! 

أما عن الخصخصة فقد كان المستهدف بها في بدايتها بمصر هو الشركات العامة الخاسرة
كن الدولة في التطبيق العملي لم تطرح للبيع سوى أفضل الشركات العامة الرابحة ! 
مما حول هذه الخصخصة إلي أكبر عملية نهب تعرضت له مصر في تاريخها الحديث وأكبر إهدار للمال العام 
 ( الظاهرة ذاتها شاعت في روسيا بشكل مرعب عند الانتقال للاقتصاد الرأسمالي )

وحتى عام 2003 تم بيع عدد ضخم من المشروعات الصغيرة والمتوسطة 
و 194 شركة قطاع عام و38 مصنعا تم بيعه أو تأجيره . ويضرب النجار أمثلة للفساد الذي رافق والتهم المال العام 

يقول إن شركة الزجاج المسطح التي يملك القطاع العام 70 % من أسهمها 
وهي واحدة من الشركات النادرة في الدول النامية
بيعت وهي من الشركات الرابحة بمبلغ 306 مليون جنيه 
بينما تقدر قيمة الأرض والآلات وغير ذلك بنحو 600 مليون جنيه ؟! 

وفي أغسطس عام 1994 بيعت الشركة المصرية العامة لتعبئة الزجاجات ( بيبسي كولا المصرية ) بمبلغ مائة وخمسين مليون جنيه ، وردا على ذلك أعلن رئيس مجلس إدارة الشركة السابق أن مصنعي المنيا وبورسعيد فقط قدرا بمبلغ 150 مليون جنيه ؟ فكيف تباع ثمانية مصانع بها 18 خط انتاجي وأسطول من سيارات التوزيع بسعر مصنعين فقط ؟! . 

هناك أيضا شركة النصر للغلايات المقامة على مساحة 31 فدان على النيل مباشرة
وعام 1994 تم بيع الأصول الثابتة للشركة والمخزون من السلع بنحو 17 مليون دولار 
على أن تتحمل الشركة – قبل البيع – بسداد الديون والضرائب 
وكانت النتيجة العملية أن شركة ضخمة بيعت بمليوني ونصف مليون جنيه
لا لشئ إلا لأن المسئولين عن الخصخصة اختاروا أسوأ العروض
وكانوا دائما يلجئون لمكاتب خبرة أمريكية تقدر أسعار الشركات لصالح المؤسسات الأمريكية التي ستشتري ! ه

هناك صفقات أخرى كثيرة مثل " الأهرام للمشروبات " ، و " أسمنت أسيوط " ، وفندق " ميرديان " 
وفي كل ذلك تحالف الفساد داخل إطار برنامج رأسمالي من أجل نهب أموال مصر . 

كنت أود أن أسترسل وأكتب الكثير عن كتاب أحمد السيد النجار
لكي يدرك القارئ ويشعر بأهمية ذلك الكتاب في فهم ما يدور حوله، لكن إذا لم يكن ما سبق عرضه كافيا ل
تحفيز القارئ على قراءة الكتاب ، فلن تكون هناك فائدة للمزيد من العرض والتعليق !